بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أعلى معالم العلم وأعلامه، وأظهر شعائر الشرع وأحكامه، وبعث رسلاً وأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين إلى سبل الحق هادين، وأخلفهم علماء إلى سنن سننهم داعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رفع الذين آمنوا والذين أتوا العلم درجات، وسلك بهم بفضله ورحمته وكرمه طريق الجنات، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، حث على طلب العلم، وبين فضائله، وحذر من أوحال الجهل وأوضح غوائله، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله الأطهار، وأصحابه البررة الأخيار، والتابعين لهم بإحسان في كل الأمصار، ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد:
حياكم الله أجمعين أعضاء وزوار منتدى الاسلامي العام
نضع بين أيديكم هذه السلسلة المباركة لسيد
البشر محمد صلوات ربي وسلامه عليه
كأنك تراه....
جُودُه صلى الله علية وسلم :
هو أكرم من خلق الله، وأجود البرية نفسا ويدا، فكفّه غمامة بالخير، ويده غيث الجود، بل هو أسرع بالخير من الريح المرسلة، لا يعرف "لا"
يعطي عليه الصلاة والسلام عطاء من لا يخشى الفقر؛ لأنه بعث بمكارم الأخلاق، فهو سيد الأجواد على الإطلاق، أعطى غنما بين جبلين، وأعطى كل رئيس قبيلة من العرب مائة ناقة، وسأله سائل ثوبه الذي يلبسه فخلعه وأعطاه، وكان لا يردّ طالب حاجة، قد وسع الناس برّه، طعامه مبذول وكفه مدرار، وصدره واسع، وخلقه سهل، ووجه بسّام:
تراه إذا ما جئته متهللا
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ينفق مع العدم ويعطي مع الفقر، يجمع الغنائم ثم يوزعها في ساعة، ولا يأخذ منها شيئا، مائدته صلى الله عليه وسلم معروضة لكل قادم، وبيته قبلة لكل وافد، يضيف وينفق ويعطي الجائع بأكله، ويؤثر المحتاج بذات يده، ويصل القريب بما يملك، ويواسي المحتاج بما عنده، ويقدّم الغريب على نفسه، فكان صلى الله عليه وسلم آية في الجود والكرم، حتى لا يقارن به أجواد العرب كحاتم وهرم ابن جدعان؛ لأنه يعطي عطاء من لا يطلب الخلف إلا من الله، ويجود جود من هانت عليه نفسه وماله وكل ما يملك في سبيل ربه ومولاه، فهو أندى العالمين كفا، وأسخاهم يدا، وأكرمهم محتدا، قد غمر أصحابه وأحبابه وأتباعه، بل حتى أعداءه ببرّه وإحسانه وجوده وكرمه وتفضله، أكل اليهود على مائدته، وجلس الأعراب على طعامه، وحفّ المنافقون بسفرته،
ولم يُحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه تبرّم بضيف أو تضجّر من سائل أو تضايق من طالب، بل جرّ أعرابي برده حتى أثّر في عنقه وقال له: أعطني من مال الله الذي عندك، لا من مال أبيك وأمّك، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم وضحك وأعطاه، وجاءته الكنوز من الذهب والفضة وأنفقها في مجلس واحد ولم يدّخر منها درهما ولا دينارا ولا قطعة، فكان أسعد بالعطية يعطيها من السائل، وكان يأمر بالإنفاق والكرم والبذل، ويدعو للجود والسخاء، ويذمّ البخل والإمساك
، فيقول:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"أخرجه البخاري [ 6018، 6136، 6138]
ومسلم 47 عن أبي هريرة رضي الله عنه،وقال:" كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس"أخرجه ابن خزيمة في صحيحه 2431،
وابن حبان في صحيحه 3310. وقال:" ما نقصت صدقة من مال"أخرجه مسلم 2588 عن أبي هريرة رضي الله عنه .